بقلم إسماعيل عزام (صحافي بموقع
هسبريس المغربي)
ببضع نقرات على أحد المواقع المتخصصة في
هذا الجانب، تمكّن رشيد من حجز مقعده في سيارة شخصية انطلاقاً من مدينة كولن حيث يعمل
إلى مدينة فرانكفورت حيثُ يقيم شقيقه. الثمن لم يتجاوز 10 أورو، والموعد هو اليوم الموالي
في ساعة مبكّرة من الصباح. هذه هي وسيلته المثلى للتنقل بين المدينتين الألمانيتين
في بعض نهايات الأسبوع، بعدما قرّر منذ مدة تناسي شيء اسمه القطار.
السبب في ذلك، هو غلاء تذكرته، فهي تتراوح ما بين 38 أورو و48 أورو بين المدينتين، وأحياناً حتى أكثر من ذلك، هذا فقط بالنسبة للقطار العادي، أما ذلك السريع المعروف باسم "ICE"، فالثمن يصل إلى 71 أورو. إذن فبعملية حسابية بسيطة، يربح رشيد الكثير من الفرق.
زيادة على الثمن المنخفض، فما يسمى بـ"مرافقة
الطريق" تتيح الكثير من الإيجابيات الأخرى: " السيارة تكون مريحة، ويمكن
لك أن تغطّ في نوم عميق حتى تصل دون أن يزعجك أحد، كما يمكنك أن تستمتع بالمناظر الطبيعية
التي لا تتيح لك طريق القطار مشاهدتها، فضلاً عن أن صاحب السيارة، قد يقلّك إلى الشارع
الذي تقصده" يؤكد رشيد.
وفضلاً عن ذلك، فإن "مرافقة الطريق"
لا تتوقف في مجرد سفر ينتهي بالوصول إلى الوجهة المبتغاة، ولكنها تشكّل كذلك أداة لتقوية
العلاقات الاجتماعية لدى البعض، فكثير من الصداقات نشأت بعد سفر مشترك.
مرافقة الطريق، أو Mitfahrgelegenheit بالألمانية، ليست سمة خاصة بألمانيا، فهي توجد في عدد من
الدول الأوروبية والأمريكية، وتتيحها بشكل أساسي بعض مواقع الانترنت المتخصصة في هذا
المجال، حيث يضع صاحب سيارة تبويباً إعلانياً يتحدث فيه عن سفره المرتقب من المدينة كذا
إلى المدينة كذا، وأن لديه بعض المقاعد الفارغة في سيارته، وبالتالي فالمجال متاح لمن
يريد التنقل من أجل مرافقته، مقابل قدر مالي بسيط يَقلّ بشكل كبير عن ثمن تذكرة القطار
مثلاً.
ولا تعود "مرافقة الطريق" بالنفع
فقط على من لا يملك سيارة ويجد أن أثمنة القطارات مرتفعة –خاصة إذا كان لا يتوفر على
بطاقة اشتراك-، ولكن كذلك على بعض أصحاب السيارات أصدقاء البيئة، فالشعب الألماني،
حسب ما استقيناه من تصريحات، يهتم بالحفاظ على جمالية البيئة التي تحيط بالمدن الألمانية،
ومن شأن كثرة الدخان ألّا تساعد على ذلك.
وإذا كان المرافق يقتصد في المال عبر هذا
السفر، فإن صاحب السيارة يقتصد هو الآخر في مصاريف سفره، خاصة وأن أسعار البنزين في
ألمانيا آخذة في الارتفاع، حيث بلغ ثمن اللتر الواحد من صنف "السوبر" في
الأيام الأخيرة ما يقارب أورو ونصف، ممّا يجعل مسافة تزيد عن مئة كيلومتر مكلفة لمواطن
يتحصّل على أجر متوسط، فيكون الحل هو إيجاد من يرافقه في سيارته.
كما لا تتوقف هذه الظاهرة عند حدود دولة
ما، فالحدود المفتوحة بين البلدان الأوروبية، وسهولة التنقل فيما بينها، تجعل من المرافقة
الطرقية حلاً للراغبين في زيارة بلدان أخرى بعيداً عن غلاء القطار وإجراءات الطيران
المتعددة.
صفحتنا على الفايسبوك
|