أول مدرسة نسائية لتعليم الصيد في ألمانيا

flickr
المصدر: (د ب أ)
ترفع أندريا تسيرار البندقية على كتفها، وتصوبها ، وتأخذ نفسا عميقا وتحرر سقاطة الآمان ثم مع تسارع نبضات قلبها تسحب الزناد ...ويسمع دوي الطلقة.

ثم تطلق ضحكة عصبية . ومع إطلاقها أولى رصاصاتها من البندقية، تشعر بالارتياح والحماس في نفس الوقت. وتقول بعد ذلك: "إنك تشعر حقا بالكثير من الاحترام عندما تحمل سلاحا في يديك، وتشعر بارتداد (البندقية) وتسمع صوت الرصاصة".

أما كارولينا هيرش، مدربة تسيرار، فتشعر بالسعادة لها. في هذه اللحظة، لا يهم قدر جودة تصويبها ، فذلك يمكن تعلمه لاحقا. إن الشيء الاهم هو أنها تتعلم كيفية التعامل مع الأسلحة النارية في أول مدرسة لتعليم الصيد للنساء في ولاية بافاريا بجنوب ألمانيا.

وتقول هيرش – وللمفارقة، يعني اسمها بالالمانية "الغزال" أو "الظبي" - إن تعلم إطلاق النار هو أمر لا تأخذه أغلب النساء على محمل الجد.

مازالت تتذكر هيرش تدريبها على الصيد ، والساعات الطويلة التي قضتها في التدريب في منصة الرماية . وعادة ما كان يقوم الرجال بخبطها على ذراعها أو حتى أخذ البندقية من يديها ليوضحوا لها كيفية إطلاق النار بشكل صحيح.

وتقول هيرش، التي تبلغ من العمر الآن 55 عاما: "إن ذلك يثير الاعصاب... ويقلل من ثقتك بنفسك". ولا يجعل الحصول على "الدبلومة الخضراء"، كما يطلق على رخصة الصيد في بافاريا، أمرا سهلا.

من ناحية أخرى، تقول سوزان شميد من "اتحاد الصيد البافاري"، إن هناك حوالي 50 ألف صائد في بافاريا حاصلين على "الدبلومة الخضراء"، تشكل النساء نسبة 11% منهم، مشيرة إلى أن العدد في آخذ في الارتفاع.

كما أن للمرأة أيضا دورا في الاتحاد نفسه. وتقول شميد: "هناك امرأة في اللجنة (باتحاد الصيد) منذ عام 2014، وهذه المرأة هي أنا". أما في داخل جماعة "شباب الصائدين في بافاريا" الفرعية، فإن النسبة بين النساء والرجال هي حوالي 50 إلى 50.

ولاعداد صائدة مؤهلة، تحتاج المتدربات إلى إكمال 120 ساعة على الأقل من التعليم النظري والعملي، الذي يتضمن التدريب في ميدان الرماية .

فيما يقول توماس ليشت، صديق هيرش: "عادة ما يكون عدد الساعات المطلوبة غير كاف". إن الامر يتطلب قدرا كبيرا من المثابرة، حتى في مرحلة التصويب على هدف طائر.

ويقول ليشت: "بعد إطلاق النار للمرة الـ50، تبدأ في الشعور بالإحباط، ولكنه من الطبيعي - أن يحتاج أغلب الناس إلى ما يتراوح بين 80 و100 مرة لاطلاق النار قبل أن يتمكنوا في النهاية من التصويب على الهدف"، مضيفا أن وجود رجال يستعرضون مهاراتهم هو أمر لا يفيد.

ودائما ما كان ليشت داعما لفكرة صديقته هيرش، لفتح مدرسة لتعليم الصيد للنساء. وفي المدرسة، تقوم هيرش بتعليم الطالبات في مجموعات صغيرة تتراوح أعدادها بين ثلاث وثماني طالبات، بالاضافة إلى توفير حصص تعليمية فردية، لاعدادهن لخوض اختبار الحصول على "الدبلومة الخضراء".

ومن جانبه، يقوم ليشت - وهو صائد أيضا - بالمساعدة من خلال تعريف الطالبات بأنواع الحياة البرية وبحماية البيئة والزراعة. ويقول ليشت: "إن الرجال أقل اهتماما بعلم النبات، إلا أنه مهم حقا". وفي هذا المجال، تكون المرأة أكثر حرصا على التعلم.

إنه شيء يمكن للصائدين من الرجال تعلمه من النساء - كما أن الصيد لا يتعلق في الاساس بالقتل. وتقول هيرش لطالباتها: "إننا لا ندرب رعاة بقر كل ما يريدونه هو إطلاق النار وحصد الجوائز".

وبدلا من ذلك، فإنها ترغب في تخريج صائدات يشعرن بالمسؤولية ويحترمن الطبيعة. ويقول ليشت "إن الصائد يجب عليه احترام الطبيعة وضمان أن يكون لدى الحيوانات بيئة ملائمة وصحية".

لذا، فعندما يتعلق الأمر بالمعرفة النباتية، فيجب على الصائد أن يعرف ما هي الظروف التي تحتاجها النباتات من أجل النمو، والحيوانات التي تتغذى عليها، على سبيل المثال.

وتأتي طالبات الصيد من مجموعة مختلفة من المهن – فمنهن عالمة الأحياء والأخصائية الاجتماعية والمخرجة ومساعدة الجزار، وأخريات. وتتراوح أعمارهن بين 24 وأكثر من 70 عاما. ولا تخطط جميعهن لصيد الحيوانات – حيث تقول بعضهن إنهن ببساطة يريدن معرفة المزيد عن بيئة الغابات، ولا تشعر أي منهن بالرغبة في القتل.

وفي مدرسة الصيد، تتعلم الطالبات كيفية قتل الحيوان بسرعة وبدون ألم، برصاصة يتم تصويبها بشكل جيد. إلا أن ذلك يعتبر مجرد نظرية، بحسب هيرش. وتقول: " إذا قررت أن تقومي بذلك بالفعل ومتى هو أمر متروك للفرد".

لقد انتظرت لأكثر من عام قبل أن تقوم بأول تجربة قتل بالنسبة لها. لقد كانت غزالة، وكانت نبضات قلبها تتسارع. إن القتل ليس بمتعة. وتضيف: "ولكن إذا أردت أن تأكلي اللحوم فإن القتل هو جزء من ذلك".

وإذا رغبن في ذلك، فإن المدرب سوف يستمر في مرافقة الخريجات الجدد أثناء المرحلة التالية، وسوف يشجعهن في حال مارس زملاؤهم من الذكور ضغطا عليهن بسبب عدم قتلهن أي حيوان.

وتحذر هيرش: "يجب ألا تسمحي لنفسك بأن تشعري بالتسرع... إن القتل هو مسألة حميمية وخطيرة ، ويجب أن تتم مع مراعاة احترام الحيوان".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
Anchor Image