فعاليات للمهاجربن السوريين في برلين لتأكيد أن الاندماج لا يسير في اتجاه واحد

flickr
المصدر : د ب ا 
يبدأ خالد خضر في تعليم أساسيات اللغة العربية داخل حجرة ممتلئة بالألمان وغيرهم من الأجانب، ويطرح عليهم السؤال التالي : "لماذا تريدون تعلم اللغة العربية ؟".
ويقوم خضر وهو مهاجر سوري الجنسية بمهمة تقديم ثقافته واللغة العربية إلى "وطنه" الأوروبي الجديد.
وهو يحاول من خلال ورش العمل التي يعدها أن يقدم لمحة " من وجهة نظر خضر" عن الحياة في سورية قبل وبعد الانتفاضة، التي بدأت عام 2011 باحتجاجات سلمية ثم تدهور مسارها لتتحول في النهاية إلى حرب أهلية.
ويقول خضر أمام نحو 40 مشاركا "ثمة أفكار نمطية شائعة حول وجود حياة بعيدة عن التحضر في بلادي مثل انتشار الجمال والصحاري والطقس الذي يميل للحرارة"، ثم يقدم لهم فيديو لمقتطفات من تاريخ سورية والطبيعة والثقافة فيها.
وينتمي خضر إلى أسرة من الطبقة الوسطى، والتحق بجامعة دمشق لدراسة علم الأحياء، وبعد التخرج هرب عام 2014 من سورية التي مزقتها الحرب، فرارا من الخدمة العسكرية الإلزامية.
وبعد رحلة محفوفة بالمخاطر تعرض خلالها لأيام بدون ماء والنوم في الغابات، حقق نجاحا طيبا في عملية الاندماج، وحصل على دورات تعليمية ألمانية، وهو ينتظر القبول في الجامعة.
ومنذ عامين وبعد أن وصل إلى ألمانيا ضمن موجة شملت آلاف اللاجئين الذين سعوا للحصول على المأوى والأمان في ألمانيا، أصبح الآن واحدا من القادمين الجدد الذين أبدوا استعدادهم لتقديم الجانب الثقافي السوري لمجتمعهم الجديد في إطار عملية الاندماج.
وأعربت منظمة "تيتشسيرفنج" التي لا تهدف إلى الربح ومقرها برلين عن استعدادها لتقديم يد المساعدة، وتهدف المنظمة إلى تسهيل تبادل المعلومات والمعرفة.
وتقول ميجانوش ماجريان المشاركة في تأسيس منظمة "تيتشسرفنج" "إننا وجدنا أعدادا ضخمة من الفعاليات مخصصة للاجئين"، تهدف إلى تعريفهم باللغة والثقافة الألمانية في إطار عملية الاندماج، ولكن "لم نجد مشروعات كثيرة قادمة من ناحية اللاجئين للتعريف بثقافاتهم".
ودشنت ماجاريان منظمة "تيتشسيرفنج" عام 2015 مع شريكتها نيللي كابريتز كوسيلة لربط المهاجرين بالتجمعات السكانية التي تريد أن تتعلم منهم".
ولدى الذين يحضرون الورش التي يعدها خضر أسباب مختلفة للرغبة في تعلم اللغة العربية.

وتقول نيكي وهي فتاة بريطانية تبلغ من العمر 24 عاما "كنت أريد أن أتعلم العربية منذ فترة طويلة، إنني أحب هذه اللغة حقيقة، ولكن لم يكن لدي الوقت لتحقيق هذه الرغبة".
وتضيف "منذ أن تطوعت للعمل في اثنين من مخيمات اللاجئين أتعامل فيهما مع السوريين، فكرت في أن تعلم أساسيات اللغة العربية سيكون أمرا مفيدا".
وتعرب ميجريان وهي فتاة أرمينية من أصل إيراني انتقلت إلى برلين منذ ستة أعوام عن اقتناعها بأنه لا يجب النظر إلى اللاجئين – ومن بينهم كثير من المهندسين والفنانين وغير ذلك من المهن – باعتبارهم يمثلون مشكلة، ولكن يجب معاملتهم "كجزء من الحل".
وتقول "عندما يكون لدينا ورشة عمل لا نقول على الإطلاق إنها للاجئين، ولكنها للجميع"، وتضيف إن ورش العمل أصبحت تلقى إقبالا بشكل متزايد حيث بلغ عدد المشاركين في كل دورة ما بين 35 و 60 مشاركا.
وتوضح قائلة أن "الاندماج يعني الجلوس مع بعضنا البعض وتعلم شئ ما معا، حتى نلم شمل الجميع ونتوقف عن إلحاق أوصاف بهم".
ويرى البعض أن أفضل مكان لتجميع قلوب الناس هو المطبخ.
ومن هنا دشن باسل وهو سوري يبلغ من العمر 27 عاما قام بتعليم العربية لمدة عام في إطار مشروع التعليم التعاوني تحت رعاية ورشة التعلم الألمانية "داي ليرنفيركشتات"، مؤخرا سلسلة من الأمسيات الثقافية التي تجمع بين تعلم اللغة والطهي.
ويقول ياسل وهو من أبناء مدينة حلب الكائنة في الشمال السوري إن فكرة فعالية الطهي طرأت على ذهنه عندما قال بعض المشاركين في الورش التي يعدها لتعلم العربية إن "تعلم هذه اللغة صعب وممل".
ويعرب باسل الذي تعلم الألمانية ويعمل على أن يصبح طبيب أسنان له حق ممارسة المهنة في ألمانيا، ايضا عن تخوفه من أن يتم الشعور بالاندماج كأنه عملية في اتجاه واحد، ويوضح قائلا "إننا نندمج في مجتمعهم، فماذا عن اندماجهم في جاليتنا ؟".
ولم تجذب أول فاعلية ينظمها باسل الكثير من المشاركين على حد قوله، ولكن يشارك الآن في الفعاليات، ما بين 15 و 20 شخصا من خليط من الدول من بينها سورية وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وعدة دول عربية.
وفي المطبخ المريح في موقع ورشة العمل الجماعية بحي تريبتوف، يشغل باسل مقطوعات من الموسيقى العربية، بينما يعد متطوع آخر يدعى سمير بعض الأطباق العربية الشهية بمساعدة المشاركين.
وتقطع آنا شرائح الطماطم لإعداد طبق كرات اللحم السورية بينما تأمل كورنيها في تعلم بعض المفردات الجديدة أثناء إعدادها حساء العدس، وتقول "تعلمت اليوم بضع كلمات مثل البطاطا".
ويعتزم باسل أن يواصل ورش العمل التي تقوم على منح في المستقبل، ويقول "هذه الورش تقوم تحت مظلة الاندماج ذاته".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
Anchor Image