رسم الوشم يحول ندبات ضحايا العنف إلى أعمال فنية

flickr
المصدر: (د ب أ) 
هناك سلسلة من الخطوط البيضاء الدقيقة على ساعد ليزا رينر ، وهى نتيجة لسنوات من إيذاء النفس. ولكن اليوم، سوف تقوم بتغطيتها بوشم من الزهور زاهية الألوان ، والكلمات التي لها معنى خاص بالنسبة لها .
وهذه وسيلة لقول وداعا للأشخاص الذين تحبهم ، والتخلص من الندوب. وقالت رينر: "لقد حثت لي أشياء سيئة كثيرة للغاية ، فلماذا لا يحدث شيء جيد لي مرة واحدة؟".
وليزا رينر ليس اسمها الحقيقي، وهي لا تريد أن ترى اسمها الحقيقي منشورا في الصحف . وتبلغ رينر من العمر 20 عاما، لكنها تبدو أصغر سنا بينما تستلقي على كرسي فنانة رسم الوشم في مدينة لايبتسيج الألمانية، وهى ترتدي قميصا عليه صورة لكتاب هزلي في واجهة القميص .
وكانت تمسك بلعبتين لينتين وناعمتي الملمس ولهما عيون مفتوحة واسعة مستديرة وكبيرة ، وقالت إنها تصطحبهما دائما معها ، تحسبا للحظات التي يطغى عليها فيها الشعور بالقلق .
وكانت على وشك رسم وشم لها بواسطة بيجي ميكش/24عاما/ المالكة لاستوديو الوشم شتيشجبيت، والذي يقدم للشابات، اللاتي عانين من العنف، الوشم مجانا ليخفي ندوبهن .
وقالت رينر: " يجب أن أقول إن ذراعي لا يبدو في صورة جميلة."
ورد ت ميكش، وهي ذات شعر بالوان قوس قزح ، وثقوب في شفتيها والأنف، بينما بدأت في استخدام معداتها،قائلة " سوف يكون ذراعك جميلا".
وحصلت رينر على رسم زهور ارجوانية اللون على ساعدها الأيمن، وسوف تكون اوراقها متشابكة حول عبارات تقول" إنتهى الكرب والغم والألم ، واخلدي للنوم جيدا يا أمي الحبيبة" و "عندما تكون قوتكم قد خارت، فإن التخلص من الهموم والأعباء رحمة". هذه الكلمات كانت مهداة لأجدادها .
وذكرت رينر، بينما اختلست فترة راحة لتدخين سيجارة أمام الاستوديو: "هذه هي الطريقة التي أريد أن أقول من خلالها وداعا لهم".

وقد توفي جدها لوالدها منذ عدة سنوات ، ولكن جدتها، أهم شخص في حياتها، توفيت فقط في وقت سابق من هذا العام. وكانت الزهور الأرجوانية هى المفضلة لديها.
وعانت رينر من كل أنواع العنف خلال حياتها القصيرة، على يد والدتها وصديقها السابق. وفي الآونة الأخيرة، كانت تعيش في ملجأ للنساء.
واطلقت ميكش مشروعها "الوشم ضد العنف" مؤخرا جدا ،وكانت رينر هي عميلتها الثانية فقط . ولكنها تريد توسيع نطاق المشروع وتتطلع إلى العمل مع الجمعيات التي سوف تجعلها على اتصال بالضحايا. وهدفها هو رسم الوشم لنحو امرأتين إلى ثلاث في الشهر.
والسؤال الذي يطرح نفسه ، لماذا تفعل ذلك؟ فكان جوابها "لأن من المهم بالنسبة لي أن أنخرط في الانشطة المجتمعية ". وقالت إنها لا تستطيع أن تتبرع بما يكفي من المال لإحداث فرق حقيقي، و لكنها يمكن أن تقدم الوشم مجانا.
فبعد جلسة معها، بدلا من ان تضطر النساء إلى النظر إلى ندوبهن، يمكن أن تنظرن إلى شيء جميل.
وذكرت ميكش، التي عانت هى أيضا من الاكتئاب في الماضي: "إن الأمر يتعلق بمنحهن شجاعة وقوة جديدة".
وميكش ليست أول شخص طرح الفكرة. ففي مدينة كوريتيبا البرازيلية، تزين فلافيا كارفالهو ندوب الناس، وفي مدينة اوفا الروسية هناك أيضا فنان رسم الوشم الذي يساعد ضحايا العنف المنزلي على محو أي أثار بدنية تذكرهم بذلك.
ما هي التداعيات البدنية للوشم على الندوب؟ أجاب كريستيان لورين، طبيب الأمراض الجلدية في مدينة كارلسروه جنوب غربي ألمانيا : ليس هناك ما يدعو فى طب الأمراض الجلدية للقول بأنه ليست هناك تداعيات".
وتنطبق نفس المخاطر على الوشم على الجلد الخالي من العيوب ، بما في ذلك، على سبيل المثال، الحساسية بالنسبة للأصباغ المستخدمة.
ومع ذلك، ليس كل ندبة يمكن تغطيتها بوشم . وقالت ميا زيلكه كنوب، نائبة رئيس الجمعية الألمانية لفناني رسم الوشم، إن أولئك الذين عانوا من إصابات أكثر خطورة يجب أن ينتظروا عاما على الأقل، قبل أن يتم رسم وشم على ندوبهم. بالإضافة إلى ذلك، فإن واحدة من كل خمس ندبات لا يمكن تغطيتها بوشم لأنها سميكة جدا أو لأن الأنسجة قد التأمت على نحو لا يسمح بتطبيق تصميم الوشم المرغوب فيه.
وأضافت كنوب، التي تملك استوديو لرسم الوشم في ترير، بالقرب من الحدود الألمانية مع لوكسمبورج، إنه عندما يتم رسم الوشم ، فإن الألوان تبدو ثخينة لأن الدهون التي تحت الجلد لم تعد موجودة هناك.
ولكن الخطوط يمكن أن تبدأ في الظهور مع مرور الوقت. وتابعت كنوب: "إنها ليست بنفس الجودة عندما يتم رسمها على جلد خال من العيوب".
وتابعت أن العملاء الذين يرغبون في تغطية الندوب، سواء كانوا ضحايا للعنف أو النساء اللاتي ربما فقدن أحد أو كلا الثديين بعد عمليات السرطان كثيرون .
وقال الطبيب النفسي نوربرت كروجر، الذي يعالج ضحايا العنف في برلين، أن الوشم لا يمكن أن يكون عوضا عن العلاج. "قد يعطي ذلك الثقة بالنفس، ولكن في نهاية المطاف هو إجراء يعالج عرضا من الأعراض "
وأضاف أنه مع ذلك قد يساعد رسم الوشم الناس الذين يعتقدون أن ندوبهم تجعل الآخرين يحدقون النظر إليهم.
وبعد أسابيع قليلة من الوشم بالزهور الأرجوانية ، لاتزال ليزا رينر سعيدة للغاية بها. وقالت "إن الوشم يغطي الندوب".
وتابعت "أنا أنظر إليه طوال وقت، ويذكرني بجدتي. وهناك أيام يكون فيها النظر إلى ذراعي أكثر إيلاما من نظرة الأخرين ، ولكن أعتقد أن هذا أمر طبيعي". ولم تعد تنعزل رينر مرة أخرى عن الأخرين منذ الذهاب إلى استوديو ميكش.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
Anchor Image