مسجد ليبرالي في برلين يكشف التوترات داخل الجالية المسلمة في ألمانيا

flickr
المصدر : (د ب ا)
تتجمع مجموعة من المراهقين الألمان تدور داخلهم مشاعر التشكك ويبدو على محياهم التجهم، تحت رذاذ المطر خارج كنيسة تقع بالمنطقة الغربية من برلين، استعدادا للقيام برحلة ينظمها مدرسهم في مادة العلوم السياسية.

ويقف الطلاب في هذا المكان انتظارا لزيارة مسجد ليبرالي أقيم داخل ملحق بكنيسة يوهانيس بحي تيرجارتن بالعاصمة الألمانية، وهذا المسجد تأسس في صيف عام 2017 على يد المحامية شيران أطيش المولودة في تركيا، وهي تنتمي إلى الحركة النسائية المدافعة عن حقوق المرأة، كما أنها ناشطة في مجال حقوق الانسان .

ولا يوجد في هذا المسجد الذي أطلق عليه اسم "مسجد ابن رشد جوته"، فصل بين الجنسين عند الصلاة أو إلزام للنساء بارتداء الحجاب، كما يتم الترحيب بالمثليين.

ويشكل المسلمون الغالبية العظمى من مجموعة الطلاب الذين يقومون بهذه الزيارة للمسجد اليوم، وترتدي ثلاث من الطالبات الثماني الحجاب، وفي مدرسة هذه المجموعة الطلابية الكائنة في منطقة نيوكولن بالناحية الأخرى من برلين، يأتي ما نسبته 93% من الطلاب من منازل ليست فيها الألمانية هي اللغة الأولى .

وداخل غرفة الصلاة العلوية تستعد أطيش ومعها حوالي عشرة أشخاص من المسلمين الذين ينتمون لجذور عرقية مختلفة لأداء شعائر الصلاة، ويلاحظ وجود حراس شخصيين لدى الباب لأن أطيش تلقت تهديدات بالقتل بعد اتهامها بانتهاك التقاليد والمحرمات الاسلامية .

ويؤم المصلين اليوم محمد أوزون أوغلو المقيم ببلدة هورث بغربي ألمانيا.

ويلقي الإمام درسا حول الفارق بين "الدين" و "الممارسة الدينية"، ولم يقبل أي من الطلاب الزائرين دعوته للصلاة مع جماعة المصلين، وظلوا واقفين مع مدرسهم أندريه كوالسكي في خلفية غرفة الصلاة وهم يتطلعون إلى ما يحدث، وتتحدث فتاتان همسا في الوقت الذي كان فيه الإمام يؤم المصلين.

ونظم هذه الزيارة المعلم كوالسكي بالاشتراك مع الصحفي التليفزيوني قنسطنطين شرايبر، والذي أثار ضجة منذ عدة أشهر عندما نشر كتابا تحت عنون "داخل الإسلام"، ويدور حول الوعظ داخل المساجد في ألمانيا.

ويقول شرايبر إن "فكرتنا تتمثل في إلقاء الضوء على وجهات نظر أخرى، لأنني أعتقد أن بإمكانكم تعلم التسامح".

ومعظم الطلاب في المجموعة الزائرة لديهم معرفة بالآيات القرآنية التي يرتلها أوزون أوغلو بالعربية، ولكنهم شعروا بالحيرة إزاء منظر الرجال والنساء الذين يسجدون معا.

وفي وقت لاحق قال طالب يرتدي نظارة إن هذه الصلاة ليست صحيحة، لأن منظر مؤخرة المرأة وهي تسجد يمكن أن يشتت تركيز الرجال عن الاستغراق في الصلاة.

وتتهم أطيش الروابط الإسلامية في ألمانيا بالمساعدة على نشر التفسير المحافظ للإسلام مما يعوق الإندماج في المجتمع.

وهي تشعر بالسعادة بزيارة الطلاب المسلمين لمسجدها، ولا تخشى الدخول معهم في مناقشات، وبعد انتهاء الصلاة تجلس أطيش مع زوارها على أرضية المسجد.

وتسأل واحدة من الفتيات "لماذا تصلين بدون غطاء للرأس ؟". وترد أطيش قائلة "لأن الآيات القرآنية التي تتناول حجاب المرأة ليست قاطعة الدلالة".

وتظل الفتاة غير مقتنعة بهذا الرد، على الرغم من أنها لا تستطيع تذكر النص القرآني المتعلق بالغطاء الذي تضعه فوق رأسها.

ويسأل طالب آخر "ماذا يعني الله بالنسبة لك ؟.

ويشعر المعلم كوالسكي بالارتياح لأن أحدا لم يتحدث بشكل عدواني، ولم يشعر جميع تلاميذه بالحماس إزاء فكرة زيارة المسجد، ولكنه لم يشعر بالرضى إزاء اللهجة التي نطق بها الطالب السؤال.

ويقول كوالسكي "أعتقد أن هناك اختبارا يجرى هنا حول ما إذا كان هؤلاء الأشخاص مسلمين حقيقيين".

غير أن أطيش تتذرع بالصبر وترد فقط بالقول " كل شخص على صواب، وكل شخص على خطأ، وفي نهاية الأمر كله، سيقرر الله ولسنا نحن من هو المخطئ ومن المصيب".

وقضت أطيش جل حياتها وهي تناضل من أجل السلام، وهي مستمرة في ذلك، وبينما تقوم بذلك تخامر مشاعر الشك المجموعة الزائرة، وتسأل أطيش أحد الصبية وهو فلسطيني عن سبب مشاعره العدائية.

ويجيب الصبي قائلا "لست عدوانيا، ولكن هذه هي طريقتي في التعبير".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
Anchor Image