الرحلات الجوية بالمشاركة تنتشر في ألمانيا وتجذب محبي الترفيه والإثارة

flickr
في مطار ماينز-فينتن الصغير الكائن بجنوب غربي ألمانيا، يلوح قائد طائرة مرحبا برفيق له يشاركه في الرحلة الجوية، التقى به توا على شبكة الإنترنت.
وبعد بضع دقائق يربط الإثنان حزام الأمان داخل الطائرة الخفيفة ذات المحرك الواحد، وسرعان ما تحلق الطائرة صاعدة إلى عنان السماء الزرقاء الصافية.
وقائد الطائرة هذا يدعى ميشائيل مارني وهو من هواة قيادة الطائرات، ويتطلب منه تسجيل 12 ساعة طيران على الأقل سنويا للاحتفاظ برخصة القيادة ومواصلة عملية التدريب.
ولتقليص التكلفة العالية لممارسة هواية قيادة الطائرات الخفيفة، يصطحب مارني معه في الرحلات الجوية ركابا يستمتعون بهذه الرحلات ويدفعون مقابلا لها، مثل أودو فراي وهو من سكان مدينة ماينز الألمانية ويريد أن يشاهد من الجو شكل المنطقة المغطاة ببساتين الكرم والكائن فيها بيته.
ويتم تنظيم هذه الرحلة من خلال منصة على الإنترنت تسمى "وينجلي"، وهي واحدة من المواقع الإليكترونية العديدة التي تم تدشينها في ألمانيا مؤخرا للمشاركة في الرحلات الجوية الترفيهية، وهي تشبه المشاركة في رحلات السيارات ولكن في هذه الحالة تكون في الجو.
ويمكن لراغبي الإثارة أن يحجزوا بسهولة رحلة جوية من ماينز إلى براج، أو للقيام بجولة فريدة من نوعها حول الأماكن المحلية المثيرة للاهتمام.
وعلى سبيل المثال تتيح مدينة كوبلنز ما يعرف باسم "شطيرة البرجر بمئة دولار"، وأطلق عليها هذا الإسم لأنها تنظم رحلة تتكلف مئة دولار نظير الركوب في طائرة مستأجرة والهبوط، وتناول شطيرة برجر في مطعم يقع فيها .
وهناك رحلات جوية من فرانكفورت إلى كل من بحر الشمال وبحر البلطيق، بل يمكن للطيارين الذين يقودون الطائرات من بون أن ينقلوك بصورة خاطفة إلى حلبة مسار سبا-فرانكورشومب لسباق السيارات ببلجيكا.
وسهلت منصة "وينجلي" الألمانية الفرنسية تنظيم أكثر من خمسة آلاف رحلة جوية في ألمانيا خلال الأشهر الـ 18 الماضية.
وسجلت منصة "فليت كلوب" المنافسة ومقرها مدينة لايبزج الألمانية 1700 عملية حجز للرحلات الجوية للهواة خلال ذات الفترة.
وتقوم المنصتان بمناورات بشكل جيد لتتجنب العقبات البيروقراطية المحتملة: فمن أجل أن تشغل المنصتان الرحلات بشكل قانوني، تنصان بوضوح على عدم الترخيص للطيارين بقيادة هذه الطائرات بشكل تجاري، ولكن يتم اقتسام تكاليف تمضية أوقات الترفيه مع الركاب، وتتلقى المنصتان اللتان تقومان بدور الوسيط ما بين 10 إلى 15% من إجمالي تكلفة الرحلة.
ويحلق الطيارون بطائراتهم من عشرات المطارات الصغيرة المنتشرة بجميع أنحاء ألمانيا، مما يجعل هذه الرحلات تجربة سهلة المنال.
ويقول لارس كلاين المؤسس المشارك في "وينجلي" إننا نجد دائما مطارا صغيرا يبعد عن الركاب الراغبين في المشاركة في مثل هذه الرحلات بمسافة 30 كيلومترا".

ومن ناحية أخرى فإن السوق المستقبلي لمثل هذه الرحلات لا يزال غير مطروق، وفي هذا الصدد يقول ماركوس لوفهاجن المؤسس المشارك لمنصة فليت كلوب إن عدد الرحلات الترفيهية الخاصة المماثلة، تبلغ في ألمانيا وحدها 3ر1 مليون رحلة سنويا، وبالتالي فإنه ليس هناك سقف لهذا النشاط التجاري المبتكر.
ومع ذلك فإن القيام برحلة جوية ليس موثوقا فيه مثل الرحلة بالسيارة أو القطار، فمعظم الطائرات الصغيرة تتم قيادتها بالعين المجردة، مما يعني أنه يمكن بسهولة أن تمتنع عن التحليق في حالة الطقس السيء، ويؤكد كلاين أن "وينجلي هي موجهة تماما لقضاء وقت للترفيه، ولكنها ليست خدمة لنقل الركاب مثل سيارات الأجرة".
ويضيف لوفهاجن إن الرحلات بغرض حب الاستطلاع وزيارة الأماكن المثيرة للاهتمام تشكل غالبية الحجوزات، وعلى الرغم من وجود بعض الخطوط المنتظمة لهذه الرحلات فإنها تعد باهظة التكلفة مقارنة بالقطارت.
ويتابع "إنها لا تشبه الرحلات على الطرق، حيث حيث يسأل قائد السيارة الذي يخطط للذهاب إلى وجهة معينة من يريد أن يرافقه في الرحلة، ولكن رحلات الطائرات هذه تتعلق بخوض تجربة مثيرة وليس مجرد الانتقال".
ويصر كلاين على أن قائدي هذه النوعية من الطائرات موثوق فيهم حتى على الرغم من أن سجلهم يتضمن غالبا عددا محدودا من ساعات الطيران.
ويقول إن هؤلاء الطيارين الذين يصحبون المسافرين معهم يجب عليهم الالتزام بشدة بقواعد السلامة، ويضيف "ذات مرة فقط قام أحد طيارينا بالهبوط اضطراريا، ولكن السبب في ذلك هو أن أحد الركاب شعر بأنه مريض".
وإلى جانب اقتسام تكلفة الرحلات، يحب كثير من الطيارين مجرد الطيران في حد ذاته ويريدون أن يشاركهم آخرون في هذه المتعة، وينطبق هذا الحال على الطيار مارني وهو من ماينز.
ويقول مارني "إنني أشعر بالمتعة أيضا عندما أقوم برحلة جوية بمفردي، ولكن تزداد سعادتي عندما أنظر إلى أعين الركاب وأرى بريقا خاصا جدا يشع منها".
وتأتي كثير من الحجوزات كهدايا تقدم في أعياد الميلاد، ويطلب الركاب بشكل خاص أن يحلقوا فوق منازلهم مباشرة، ويقول ستيفان فايس وهو أحد سكان مدينة ماينز "عندما يكون هناك شخص واقف هناك أعلى المنزل ويلوح، ترتسم ابتسامة عريضة رائعة على شفاه الراكب"، ويهوى فايس اصطحاب الركاب في الطائرة الخاصة به من طراز "جيروكوبتر" وهي نوعية بين الطائرة المروحية والطائرة العادية.
وحصل فراي على تكلفة الرحلة كهدية من ابنه لوكاس الذي ظل ينتظر بحماس في المطار الصغير، بينما كانت الطائرة ذات المقعدين من طراز (دي.أيه20-سي1) تندفع في هبوطها على ممر المطار إلى أن تتوقف بعد عودتها من الرحلة، بينما كان والده يتطلع إليه بابتسامة مشرقة من خلف النافذة.
ويعرب الأب عن سعادته بالرحلة الجوية بعد أن يهبط من الطائرة، ويقول بحماس "كل شيء كان يبدو أكثر جمالا من عل، وكأن ما رأيته تحتي هو لوحة نموذجية لمناظر طبيعية رائعة".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
Anchor Image