الاستخبارات الألمانية تكشف عن استخدام الصين لمواقع التواصل الاجتماعي للتجسس

flickr

قديما كانت تخاطب الأجهزة الاستخباراتية الأشخاص المستهدفين بالنسبة لها بشكل تقليدي تماما في حفلات استقبال أو في مؤتمرات. أما اليوم فيتم الاستعانة بالإنترنت، الأمر الذي يمثل تحديا بالنسبة للسلطات الألمانية المعنية بمكافحة التجسس.
وأشار رئيس هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية بألمانيا) ، هانز-جورج ماسن، إلى أنه يتم استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، لاسيما لينكد إن، بشكل كبير لهذا الغرض.
فهناك حساب شخصي لمساعدة أمين عام لمركز أبحاث تنموي صيني-أوروبي تدعى ليلي وو، على موقع التواصل الاجتماعي "لينكد إن"، ويمكن رؤية شابة مهندمة في صورة صفحتها على الموقع تكتب الملاحظات الدقيقة بقلم رصاص.
أما لايتيشيا تشن فتعرّف نفسها على موقع "لينكد إن" الذي يعد أكبر شبكة وظيفية على مستوى العالم ويضم أكثر من 400 مليون شخص، بصفتها مديرة مشروع بمؤسسة فكرية صينية، فيما يقدم جيسون وانغ نفسه على أنه مدير رابطة تسعى لتحسين العلاقات مع الصين.
وتشترك الصفحات الشخصية الثلاثة في شيئيين على الأقل، وهى أن جميعها صفحات وهمية، وأن الأشخاص الثلاثة يمثلون جهات الاتصال المثيرة للاهتمام بالنسبة لخبراء وساسة وعلماء لديهم ميل للصين، وذلك بحسب ما اكتشفه فريق مشروع تابع للمكتب الاتحادي لحماية الدستور الذي اهتم بشكل مكثف في الفترة بين شهري كانون ثان/يناير وحتى نهاية أيلول/سبتمبر الماضي بأحد أكثر الأنواع أهمية حاليا للتجسس الصيني، وهو الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعد المعلومات التي توصل إليها الفريق مثيرة للقلق، فقديما كان يتم مخاطبة أشخاص مستهدفين من جانب الاستخبارات الصينية بطريقة تقليدية في ندوات أو حفلات استقبال، أما الآن فأصبح يتم التركيز على الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح ماسن النتائج التي رصدتها هيئته المعنية بمكافحة التجسس قائلا: "يتم استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما لينكد إن، بهدف الوصول إلى معلومات واكتساب مصادر"، مضيفا بقوله: "الأمر يتعلق بالمحاولة واسعة النطاق التي ترمي لاختراق برلمانات ووزارات وهيئات."
وبحسب خبراء الاستخبارات الألمانية، كانت هناك محاولات اتصال لدى ما يزيد على 10 آلاف مواطن ألماني، وكان هدف الاستخبارات الصينية يتمثل في الوصول لمعلومات واكتساب مصادر استخباراتية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لافتين إلى أن هناك توقعات بوجود عدد كبير من الحالات لم يتم الإبلاغ عنها.
وتسير عملية التجسس عبر الإنترنت بشكل متشابه غالبا، إذ يدعي الأشخاص المنحدرون من الشرق الأقصى على مواقع التواصل الاجتماعي أنهم موظفون لدى وكالات استشارية أو مؤسسات فكرية أو أنهم علماء.
وكشف خبراء الاستخبارات الألمانية صفحات ليلي وو ولايتيشيا تشن وجيسون وانغ بصفتها بعض أكثر الصفحات الوهمية الأكثر نشاطا للصينيين.

وإذا بدأ أي شخص مهتم اتصالا، يرسل الجواسيس المتسترون وراء هذه الصفحات الشخصية إشارة بالاهتمام في إطار تبادل مهني. ويتم المطالبة في البداية بأعمال تجريبية، ثم يعقبها دعوات إلى الصين لحضور ندوات أو لقاءات أخرى. ويمكن بعد ذلك إقامة اتصال شخصي هناك.
وتتمثل التوقعات غالبا في تقديم تقارير عن معلومات حساسة. وفي حال وجود أشخاص مستهدفين ذوي قيمة كبيرة للغاية، يمكن حينئذ ضخ عشرات الآلاف من اليورو كأجور.
ويتمتع بدء الاتصال عبر الإنترنت بميزة خاصة بالنسبة للاستخبارات الصينية، وهي أنه لا يشكل أي خطر، فضلا عن ذلك يمكن تنقيح عدد كبير من التفاصيل المثيرة للاهتمام عن المسار الوظيفي والوسط الاجتماعي أو معلومات عن العادات أو الهوايات أو الاهتمامات السياسية في موقع لينكد إن وغيره بنقرة بسيطة على زر الفأرة. وعلى عكس كثير من شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى يمكن الوصول لموقع "لينكد إن" بشكل تام في الصين ودون حظر.
واستهدف الصينيون بصفة خاصة نوابا من البرلمان الألماني "بوندستاج" ومن البرلمان الأوروبي، وكذلك أيضا أشخاصا من الجيش الألماني ومؤسسات واتحادات مصرفية وكذلك مستشارين سياسيين وخبراء اقتصاديين رفيعي المستوى.
وبحسب الاستخبارات الألمانية، يمكن أن يدخل الأشخاص المتعلمون جيدا ولكن ليس لديهم خبرة ولا يزالوا في بداية حياتهم الوظيفية ويحصلون على أجور سيئة نسبيا إلى شبكة التجسس الصيني.
وإذا تم مخاطبة بعض هؤلاء الأشخاص من جانب سلطات الأمن الألمانية، غالبا ما يكون رد فعلهم متفاجئ– ويقول بعضهم إنهم كانوا يسعون فقط لفعل شيء من أجل تحسين العلاقات الألمانية-الصينية.
ولكن محاولات بدء الاتصال عبر موقع تواصل اجتماعي لا تمثل الأنشطة الوحيدة التي تقوم بها أجهزة استخباراتية صينية وتتسبب في إثارة قلق السلطات الألمانية.
فقد صرح رئيس الاستخبارات الألمانية الداخلية أن ألمانيا وأوروبا دخلت بؤرة تركيز الهجمات الإلكترونية الصينية بشكل مكثف في عام 2017، موضحا أنه تم التحقق من وجود أساليب هجوم جديدة أيضا خلال ذلك، فبدلا من الهجوم مباشرة على الهدف كما كان يحدث قديما، يتم مثلا حاليا في البداية مهاجمة مزود خدمات تكنولوجيا المعلومات الذي يعمل لحساب المؤسسة التي يتم التخطيط للتجسس عليها.
ومن جانبها نفت الصين الاتهامات الألمانية باستخدامها الشبكات الاجتماعية على الإنترنت في التجسس على نطاق واسع.
وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية، لو كانج، اليوم الاثنين في بكين إن الأمر يدور حول "اتهامات لا أساس لها"، ولا يوجد أدلة عليها، مطالبة الجهات التي أطلقت هذه الاتهامات والحكومة الألمانية بالتصرف بمسؤولية.
المصدر: (د ب أ) 
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-
Anchor Image