أول مقهى نسائي في برلين لتدخين الشيشة

flickr

(د ب ا)
ما أن فتح عامل توصيل الطلبات الباب الخارجي للمقهى ليضع الصناديق التي يحملها في الردهة، حتى واجهه صوت نسائي صارم: "فضلا ابق في الخارج، يمكنني أن أجلب الصناديق إلى الداخل بنفسي."

كان هذا صوت شاني، النادلة بالمقهى، وأدرك العامل أنه لا يستطيع أن يتجاوز مكانه، أو أن يدخل إلى حيث تجلس المترددات على مقهى "ليدي حقه" المخصص للنساء الراغبات في تدخين النرجلية(الشيشة)، في خصوصية، بالعاصمة الألمانية برلين.

حتى صاحب المقهى لايمكنه الدخول.

وتقول شاني، التي تبلغ من العمر 23 عاما: " أستخدم جهاز ارسال واستقبال لاسلكي للتحدث معه عندما يكون بالخارج".
وافتتح محمد أرميح المقهى المخصصة "للنساء فقط" نهاية شهر تموز/يوليو عام 2018، وقد استلهم الفكرة من شقيقاته.

ويقول أرميح: "كانت شقيقاتي يشتكين من آن لآخر من تحديق الرجال فيهن،ومن محاولات مغازلتهن، وكن يبحثن عن مكان يستطعن فيه الجلوس معا في هدوء وخصوصية بعيدا عن أعين المتطفلين من الرجال".

ويبدو أن الفكرة لاقت نجاحا، ففي عطلات نهاية الأسبوع عادة ما يتم حجز جميع مقاعد المقهى، التي تبلغ 60 مقعدا بالكامل.

وتقول شاني: "كثير من النساء يحجزن مقاعد لعطلة نهاية الأسبوع قبل الموعد المطلوب بأسبوع"، ومع ذلك، من الأسهل إلى حد ما العثور على أحد المقاعد الفاخرة بالمقهى أثناء أيام العمل الأسبوعية.

وفي عصر هذا اليوم، لا يوجد سوى اثنتين من الزبائن جالستين داخل مقهى "ليدي حقه" هما إبرو وشوكه. وتتناول الفتاتان، اللتان تبلغان من العمر 18 عاما، "الناتشوز"، وهو طبق مكسيكي يتكون من رقائق التورتيلا المغطاة بالجبن أو الصلصة ويقدم كوجبة خفيفة. كما تدخن الفتاتان الشيشة، وتتبادلان الحديث في أمور تخص النساء.

وتقول شوكه، التي تطمح لأن تصبح مساعدة لطبيب أسنان: "هنا، نستطيع التدخين دون أن نسمع كلمات حمقاء من رجل... نشعر أن المكان أفضل مقارنة بمقاه أخرى".

ويقول صاحب الحانة أرميح: "لم يعد كثير من الناس يذهبون إلى الديسكو (المراقص) لمقابلة الآخرين، ولكنهم يذهبون إلى مقاه الشيشة. وغالبا ما تتعرض النساء لملاحقات الرجال حتى لو لم يكن يرغبن في ذلك"، ويضيف إن المقهى لا يجذب فقط النساء المسلمات حيث يستطعن نزع الحجاب، ولكنه يجذب أيضا ألمانيات وبريطانيات.

ولكن هذا الاتجاه لاقى رد فعل متباينا بين أوساط الجالية التركية في برلين.
وتقول عائشة ديمير، المتحدثة باسم الرابطة التركية في برلي- براندنبورج: "يجب أن تحظى النساء بحقهن في الخصوصية والجلوس مع بعضهن البعض دون تطفل الرجال (عليهن)، سواء كان ذلك داخل مقهى للشيشة، أو أي مقهى آخر".

من ناحية أخرى، يثير هذا المفهوم التساؤلات أيضا من حيث أنه جاء جزئيا كرد فعل على سلوك الرجال، كما أن النساء في هذا المقهى لا يزلن تحت سيطرة الرجال على نحو ما، حيث يعلم الرجال الآن بالضبط أين يمكن العثور عليهن.

ويعرب كاظم أوردوغان، الخبير في شؤون الاندماج، عن اعتقاده بأن مثل هذا المقهى لن يحل مشكلة المرأة المسلمة، حيث يقول: "تذهب النساء لتدخين الشيشة ثم يعدن بعد ذلك إلى المنزل، ومن هنا فإن المقهى لا يحمي واحدة منهن"، مشيرا إلى خطر العنف المنزلي. كما أكد كيف أن تدخين الشيشة ضار بالصحة.

ولا تعير إبرو وصديقتها بالا لمعارضي الفكرة، فهي تشعر بالسعادة لأنها وجدت أخيرا مكانا يمكنها أن تذهب إليه بمفردها، من دون أن تتعرض لمشاجرات مع صديق لها يشعر بالغيرة من نظرات الآخرين اليها، وهي تقول: "قبل ذلك كنت لا أستطيع الذهاب إلى مكان إلا مع صديقي، وكان لا يتركني بمفرديز" أما شوكه، فالمقهى يعني تراجع حدة قلق والديها عليها.

وترى ديانا جافيه، وهي خبيرة تسويق المنتجات المبنية على النوع، أي المخصصة لكل من النساء والرجال، أن العروض الخاصة المقدمة للنساء كانت موجودة منذ فترة طويلة، غير أن مقهى الشيشة بحي كروزبرج برلين يعد حالة خاصة للغاية.

وتقول جافيه: "هناك أيضا عوامل عرقية وثقافية لها تأثيرها، ونموذج هذا المقهى يبين أن النساء اللاتي يتعرضن لقيود ثقافية وأسرية ودينية يشعرن بنوع من الحرية عندما توجد مساحات آمنة لهن مثل هذا المقهى".

ويريد أرميح افتتاح مزيد من هذه الاماكن للنساء مستهدفا مدنا ألمانية كبيرة، مثل فرانكفورت وهامبورج، كمواقع لمشروعاته المستقبلية.

وتقول رابطة صناعة الفنادق الألمانية إن أرميح ليس الوحيد الذي يضيق من نطاق نشاطه التجاري لاستهداف مجموعة معينة من الناس.

وتوضح ستيفاني هيكيل، المتحدثة باسم الرابطة أن "عددا متزايدا من الأنشطة التجارية أصبح يركز على مجموعات محددة بوضوح من الضيوف، وذات اتجاهات مشتركة، وهي تطور عروضا تستهدف الأشخاص الذين يشاركون نفس الاتجاهات، أو الذين يمرون بنفس المرحلة العمرية."
وثمة تساؤل مطروح، وهو هل هذا الاتجاه سيحظر التمييز الذي يقوم به الرجال ضد النساء ؟. يأتي الجواب بالنفي، من المكتب الاتحادي الألماني لمناهضة التمييز، حيث يوضح بيرنارد فرانكه، المدير المؤقت للمكتب، أنه ما دام هناك هدف وسبب شامل للتمييز، يمكن للشركات أن تميز بين ما تقدمه للرجال والنساء.

ويقول فرانكه إن القانون يتضمن، بالتفصيل، حماية الخصوصية والأمن، ويضيف "وبالتالي فإن مهمة الرجال ستكون صعبة حال رغبتهم في إقامة دعوى قانونية أمام المحكمة بتهمة التمييز بينهم وبين النساء".
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-