pixabay |
المزود.كوم ـ بحث
تُعدُّ سويسرا واحدةً من أكثر الوجهات العالمية جذبًا للباحثين عن رواتب مرتفعة، حيث يعتمد مستوى الدخل فيها على عدة عوامل مهمّة تتضمّن سنوات الخبرة والمهارات التفاوضية والمؤهلات العلمية والإضافات المهنية المتخصصة. هذه العوامل تُحدّد السقف الذي يستطيع أن يبلغه الراتب، سواء كانت الوظيفة في القطاع الخاص أو العام.
,من أبرز العوامل المؤثرة على الراتب في سويسرا كذلك هو الموقع الجغرافي داخل البلاد. فعلى الرغم من أنّ متوسط الأجور مرتفع عمومًا مقارنةً بالعديد من الدول الأخرى خصوصا منها تلك المتواجدة في القارة الأوروبية، إلا أنّ العمل في مناطق مثل جنيف والوسط السويسري يمنح رواتب تزيد عن نظيراتها في المناطق الحدودية. ويعزو الخبراء هذا التفاوت إلى ارتفاع تكاليف المعيشة في المدن الكبرى وزيادة الطلب على الكفاءات فيها.
ومن خلال عقد مقارنة بين ألمانيا وسويسرا مثلا يتبيّن أن راتب الموظف في سويسرا قد يتراوح بين 1.8 و 2.5 ضعف نظيره في ألمانيا، وفي بعض الحالات يمكن أن يتضاعف أربع مرات. هذه الفجوة اللافتة يمكن تفسيرها جزئيًا بتكاليف المعيشة العالية في سويسرا، لكنها تعود أيضًا إلى قوة الاقتصاد السويسري واستقرار عملته، فضلًا عن نهج الشركات في استقطاب الكفاءات العالية برواتب مغرية.
ويحتل قطاع الطاقة والمياه وإدارة النفايات وإعادة التدوير المرتبة الأولى في قائمة المهن الأعلى أجرًا في سويسرا بمتوسط يصل إلى 19 ألف فرنك سويسري شهريًا. وعلى الرغم من غرابة الأمر للوهلة الأولى إلا أن أهمية هذا القطاع الحيوي والتحولات البيئية المُتسارعة جعلت من العاملين فيه محلّ تقدير كبير. كما لا يجب أنن ننسى بأن أعمال إدارة المياه والنفايات وغيرها من المجالات المرتبطة بالاستدامة تتمتع بأولوية قصوى في سويسرا.
ويأتي قطاع التأمين في المرتبة الثانية بمتوسط دخل يبلغ حوالي 18 ألف فرنك شهريًا، وهذا يشمل إلى حد كبير العمولات التي يمكن لموظفي المبيعات الحصول عليها. وتظل التأمينات إحدى أهم القطاعات الرائجة في سويسرا، إذ تشهد منافسة واسعة ومساحة هائلة لتطوير منتجات جديدة متخصصة في تأمينات الحياة والصحة والممتلكات، الأمر الذي يرفع من فرص نمو دخل العاملين فيها.
pixabay |
وفي المركز الثالث تأتي وظائف التدقيق المالي والمحاسبة والخدمات المصرفية بمتوسط راتب يصل إلى 16 ألف فرنك سويسري. غير أنّ هذه المستويات المرتفعة غالبًا ما تقتصر على الأدوار القيادية أو الوظائف شديدة التخصص، ولا تعكس بالضرورة رواتب كل العاملين في القطاع المصرفي. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذا القطاع يرتبط دائمًا بضغط عمل عالٍ ومسؤولية كبيرة في إدارة الأموال والاستثمارات.
وارتفاع الرواتب في القطاعات سالفة الذكر يقترن بمتطلبات وظيفية تفوق ما هو سائد في العديد من المهن الأخرى، سواء من حيث ساعات العمل أو مستوى المسؤولية. فالضغوط المرتبطة بالوظيفة في هذه المهن قد تؤثر بشكل ملحوظ على الصحة النفسية والجسدية للعاملين، وهو ما يجعل الكثيرين متردّدين في ولوجها رغم الإغراءات المالية.
ويحلّ الأطباء بعد ذلك في المرتبة الرابعة بدخل قد يبلغ في المتوسط 15 ألف فرنك شهريًا. ورغم أن هذا الرقم مرتفع بالمقارنة مع الكثير من الدول، إلا أنّ بعض الأطباء يرون أنّه لا يتناسب مع حجم التضحيات وساعات العمل الطويلة والضغط المستمر في مجال الرعاية الصحية.
عاملٌ مهمّ آخر يبرز في سويسرا هو نظام الضرائب التصاعدي الذي يفرض نسبة أعلى على الدخول الكبيرة. فكلما ارتفع الدخل الشهري للفرد كلما زادت نسبة الاقتطاعات الضريبية، ما يؤثر في النهاية على صافي الراتب المتبقّي. وعلى الرغم من ذلك يبقى الدخل الفعلي في الكثير من المهن مرتفعًا بالمقارنة مع دول الجوار، وذلك بفضل استقرار الفرنك السويسري وقوّته كعملة عالمية آمنة.
ولا يقتصر ارتفاع الراتب على المهن السالفة الذكر فحسب فالطيارون مثلا في سويسرا قد يصل دخلهم إلى قرابة 14 ألف فرنك، والوظائف الإدارية المتخصصة مثل إدارة الموارد البشرية والتسويق والمحاسبة يمكن أن تتخطّى حاجز 10 آلاف فرنك شهريا، فضلًا عن قطاع تكنولوجيا المعلومات الذي يتيح فرصًا واسعة للنمو المادي والوظيفي. وارتفاع تكاليف المعيشة والضغط الوظيفي يجعلان الموظّفين يفكرون مليًّا في الموازنة بين العائد المادي وجودة الحياة، وهو ما يميّز سوق العمل السويسري عن غيره.