المصدر: صحيفة هويته النمساوية
تواجه المدارس الابتدائية في فيينا تحديًا كبيرًا يتمثل في ضعف مستوى اللغة الألمانية لدى معظم التلاميذ حيث يعاني ثلاثة أرباع الأطفال من صعوبات تجعلهم غير قادرين على متابعة الدروس بشكل فعال. فعلى سبيل المثال في منطقة "Margareten" لا يمتلك سوى 26.2% من التلاميذ مستوى لغويًا يسمح لهم بفهم المعلمين. والأكثر إثارة للقلق أن 61% من هؤلاء الأطفال ولدوا في النمسا مما يعكس فشلًا واضحًا في سياسات الاندماج التي تستهدف السنوات الأولى من عمر الطفل وهو ما يؤكد الحاجة إلى مراجعة جذرية لهذه السياسات. وتجدر الإشارة إلى أن هذه المقالة تستند إلى بحث أجرته صحيفة "هويته" النمساوية حول تحديات النظام التعليمي في البلاد.
وإلى جانب فيينا تتفاقم المشكلة في ولايات أخرى مثل تيرول والنمسا العليا وشتايرمارك حيث ارتفعت نسبة التلاميذ المحتاجين إلى دعم خاص في اللغة الألمانية بشكل ملحوظ. ويعود ذلك إلى ضعف برامج الاندماج في رياض الأطفال. كما تلعب الأسرة دورًا حاسمًا في تكوين المستوى اللغوي للطفل إلا أن العديد من الأسر تكتفي باستخدام لغتها الأم داخل المنزل. وهذا النمط من السلوك يقلل فرص الأطفال في تعلم اللغة الألمانية بشكل فعال مما يؤدي إلى نتائج سلبية على مسارهم التعليمي لاحقًا.
وعلاوة على ذلك ساهمت التكنولوجيا الحديثة في تفاقم الأزمة حيث أصبح العديد من الأطفال يميلون إلى استخدام الأجهزة الذكية بدلًا من قراءة الكتب مما أثر على مهاراتهم اللغوية. ومن جهة أخرى نجد أن بعض رياض الأطفال توظف مساعدات لا يتقنّ اللغة الألمانية بشكل كافٍ مما يعيق تحسين مهارات الأطفال اللغوية. كما أن نقص الوعي لدى بعض الأسر ذات الخلفيات الاجتماعية المحدودة بأهمية وضع جدول يومي منظم للأطفال يزيد من حدة المشكلة حيث تؤثر الفوضى في الحياة اليومية على مستوى الطفل التعليمي واللغوي. وكل هذه المؤشرات تدل على أن المشكلة لا تقتصر على مدينة فيينا بل تمثل تحديًا واسع النطاق يؤثر على النظام التعليمي في النمسا ككل.
ولحل هذه الأزمة من الضروري اعتماد برامج إلزامية لدعم تعلم اللغة تستهدف الأطفال والأسر على حد سواء تبدأ من سن ثلاث سنوات ونصف وتشمل جلسات تدريبية متخصصة. ورغم توفر العديد من الخطط المناسبة لمعالجة هذا الوضع إلا أن تنفيذها يصطدم بعقبات مثل البيروقراطية والانقسامات الحزبية إضافة إلى تعقيدات النظام الفيدرالي. ولذلك يرى المراقبون بأنه من الضروري تنسيق الجهود بشكل أفضل والعمل على تطبيق السياسات بشكل فعال لضمان تحسين مستوى التعليم والاندماج للأطفال في المستقبل.