يشكل التكوين المهني في ألمانيا أحد الأعمدة الأساسية للنظام التعليمي والاقتصادي، إذ يساهم في تزويد سوق العمل باليد العاملة المؤهلة. غير أن هذا النظام لا يخلو من عيوب وإشكالات تطرح تساؤلات عميقة حول مدى قدرته على تلبية طموحات الشباب وتحقيق التوازن بين متطلبات السوق وحقوق المتدربين. فالكثير من الأصوات تشير إلى صعوبات يعاني منها المتدربون، سواء من حيث ظروف العمل أو محدودية فرص الترقّي.
ما هي أبرز النقاط السلبية في نظام التكوين المهني بألمانيا؟
وُجد أن النظام لم يكن مرنًا بما يكفي لاستيعاب الخلفيات المتنوّعة للمتدربين، إذ اعتمد بصورة كبيرة على توفر مواقع تدريب داخل الشركات. ونجم عن ذلك وجود شُحّ في فرص التدريب وانبثاق قطاع انتقالي يضمّ شبابًا لم يجدوا مكانًا للتكوين المهني في النظام الثنائي.
كذلك اتسمت الإدارة التنظيمية للنظام بالتعقيد واللامُرونة، ووقعت على عاتق عدة وزارات، ما أدى إلى تداخل وصعوبات في المساءلة وارتفاع الكلفة. كما ظهر أن ارتفاع متطلبات التدريب ونقص الشركات المستعدة لتأهيل المتدربين أثّر سلبًا على وفرة الفرص، وهو ما دفع البعض إلى اقتراح إلزام الشركات بقبول عدد من المتدربين، غير أن الفكرة لم تُنفذ.
هل يحدّ هذا النظام من فرص الشباب في متابعة دراساتهم العليا أو التنقل بين المهن؟
تبيّن أن النظام أقل مرونة في التحوّل الأكاديمي، إذ أظهرت الإحصائيات أن نسبة كبيرة من المتخرجين غيّرت مهنتها بعد فترة قصيرة من التخرج، ما يعكس أن التكوين المهني قد لا يوفر أساسًا قويًا لتعدد المسارات المستقبلية سواء في الدراسة أو في سوق العمل.
كيف تؤثر ظروف العمل والأجور خلال فترة التكوين على المتدربين؟
كان واضحًا أن المتدربين يتقاضون أجورًا أقل بكثير من العاملين العاديين، رغم أنهم يؤدون مهامًا عملية حقيقية داخل الشركات. ومع أن التجربة العملية أكسبتهم خبرة مهمة، إلا أن ضعف الأجر شكل عبئًا ماديًا على الكثير منهم. كما أن الشركات نفسها اعتبرت تدريب المتدربين تكلفة إضافية، سواء من حيث الموارد أو الالتزامات الضريبية والتنظيمية، وهو ما جعل بعض الشركات أقل استعدادًا لفتح أبوابها أمام متدربين جدد.
وما هي البدائل أو الإصلاحات الممكنة لمعالجة هذه العيوب؟
طرحت عدة إصلاحات كان أبرزها إدخال برامج تدريب بديلة تدار بواسطة الدولة أو عبر نظام التدريب بالطلب، وذلك كحل جزئي في حال عجز الشركات عن توفير مواقع تدريب كافية. كما برزت دعوات إلى إصلاح البنية الإدارية والتمويلية للنظام لجعله أكثر شفافية وأقل تعقيدًا، من خلال تقليص عدد الجهات المشرفة وتبسيط آليات المتابعة.
إضافة إلى ذلك، طُلب تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية والشركات، مع تطوير هيكلة مشتركة تربط بين التعليم النظري والتدريب العملي، حتى يخرج المتدرب بمؤهلات متكاملة تساعده على الاستقرار المهني والانتقال إلى مراحل أكاديمية أو عملية أعلى.